= الغضب والشدة والتعنيف:
وهذا يظهر في ثلاثة مواقف:
*الموقف الأول: الشدة والغضب على فرعون:
فقد قال موسى عليه السلام لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لاظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً} [الإسراء:102] أي: قال موسى عليه السلام لفرعون ردا على كذبه وإفترائه: لقد علمت يا فرعون أنه ما أوجد هذه الآيات التسع إلا الله تعالى، خالق السموات والأرض، وقد أوجدها سبحانه بصورة واضحة جلية، تدلك على صدقى، وفي هذا الرد توبيخ لفرعون على تجاهله الحقائق، حيث كان يعلم علم اليقين أن موسى عليه السلام ليس مسحورا ولا ساحرا، وأن الآيات التي جاء بها إنما هي من عند الله تعالى.
وقوله: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} توبيخ آخر لفرعون، وتهديد له لأنه وصف نبيا من أنبياء الله تعالى بأنه مسحور، ومثبورا بمعنى مهلك مدمر، يقال: ثبر الله تعالى الظالم يثبره ثبورا، إذا أهلكه، أو بمعنى مصروفا عن الخير. مطبوعا على الشر. والظن هنا بمعنى اليقين، والمعنى: وإنى لأعتقد يا فرعون أن مصيرك إلى الهلاك والتدمير.
*الموقف الثاني: الشدة على قومه عندما طلبوا منه أن يتخذ لهه إلها:
قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:138]
*الموقف الثالث: الشدة والغضب على قومه عندما عبدوا العجل:
قال تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:150]
وفي موضع آخر قال: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا*أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي* قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}[طه:92-94].
= الإستعانة بالله تعالى وبعبادته:
عاش المسلمون في أيام فرعون ظروفًا عصيبة ملؤها الخوف والأذى، إلى أن وصل بهم الأمر إلى أن يسروا بصلواتهم في بيوتهم، فأرشدهم الله إلى وسائل يتجاوزن بها الصعاب، وهي:
1= الصبر والصلاة، قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [يونس:87]، وقال سبحانه: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} [الأعراف:128].
2= الإيمان بالله والتوكل عليه، قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس:84].
3= الدعاء وصدق اللجوء إليه، قال تعالى: {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس:85-86].
4= ذكر الله: قال تعالى: {اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه:42].
= الشجاعة وعدم الخوف:
وهذه من أهم الصفات التي تحلى بها موسى عليه السلام، فحين {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} [طه:45] شجعهما وأوحى إليهما بصريح العبارة أنهما لن يكونا وحدهما {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] ومن كان الله معه يسمع ويرى فأنى يخاف؟ وكانا ثابتي الجنان حين أعلنا بوضوح لا خوف فيه ولا لبس أن الرسالة {من ربك}، وفرعون هو الذي يدعي الربوبية ويمارس بسيفها كل مفاسده، فهما ينزعانها عنه دون خوف ولا وجل. بل يعلنان أنهما على هدى، وهو وأتباعه على باطل، وأن الخير كل الخير في اتباعهما {وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى}.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.